إن من نعم الله علينا أن خلق لنا أزواجا لنسكن إليها ، و جعل بين الزوجين مودة و رحمة.
قد تتعكر بين الفينة و الأخرى هذه المودة بأسباب ما من مجريات الحياة ، و تحدث الخلافات بين الزوجين الحبيبين !
و قد لا يعلم الكثير من الأزواج أنه فتح بابا للشيطان فأوقع بينه و بين زوجه و بذلك صار مقربا لدى إبليس!
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا . فيقول : ما صنعت شيئا . قال ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته . قال فيدنيه منه ويقول : نعم أنت "
وعند أحمد: "عرش إبليس على البحر يبعث سراياه في كل يوم يفتنون الناس، فأعظمهم عنده منزلة أفتنهم للناس". قال شعيب الأرنؤوط : إسناده قوي على شرط مسلم .
قال ابن كثير في البداية والنهاية : وله عرش على وجه البحر وهو جالس عليه ويبعث سراياه يلقون بين الناس الشر والفتن .... ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد ما ترى قال أرى عرشا على الماء. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اخسأ فلن تعدو قدرك، فعرف أن مادة مكاشفته التي كاشفه بها شيطانية مستمدة من إبليس الذي هو يشاهد عرشه على البحر، ولهذا قال له أخسأ فلن تعدو قدرك أي لن تجاوز قيمتك الدنية الخسيسة الحقيرة.
والدليل على أن عرش إبليس على البحر ما رواه الامام أحمد حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان حدثني معاذ التميمي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عرش إبليس في البحر يبعث سراياه في كل يوم يفتنون الناس فأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة للناس.
وقال أحمد حدثنا روح حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عرش إبليس على البحر يبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة.اهــ
وقال المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :
قوله: (إن إبليس يضع عرشه) أي سرير ملكه (على الماء) وفي رواية على البحر، ومعناه أن مركزه البحر، ومنه يبعث سراياه في نواحي الأرض، فالصحيح حمله على ظاهره، ويكون من جملة تمرده وطغيانه وضع عرشه على الماء، يعني جعله الله تعالى قادراً عليه استدراجاً ليغتر بأن له عرشاً كعرش الرحمن كما في قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء} [11: 7]، ويغر بعض السالكين الجاهلين بالله أنه الرحمن كما وقع لبعض الصوفية على ما ذكر في النفحات الإنسية، ويؤيده قصة ابن صياد حيث قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرى عرشاً على الماء. فقال له صلى الله عليه وسلم : ترى عرش إبليس . وقيل عبر عن استيلائه على إغوائه الخلق وتسلطه على إضلالهم بهذه العبارة، كذا في المرقاة.اهـ
و في قوله صلى الله عليه و سلم : "ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته . قال فيدنيه منه ويقول : نعم أنت "، دليل على ان أعلى جنود إبليس قدرا و أعظمهم عملا لديه الذي يفرق بين الزوجين ، فيفرح به و يقربه إليه.
و ختاما أذكر لكم رائعة من روائع ابن القيم في الفوائد حيث انه وصف لنا الدواء للخلافات بين الناس في حكمة مختصرة قائلا : من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.
و قال أحد الصالحين : "إني أرى أثر معصيتي في نشوز زوجتي(أي معصيتها لي و سوء معاملتها) وتعثر دابتي"!
منقول للأمانه